للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولدوا مرضى فيكونون كلا على أولياء أمورهم أو على حكومتهم، وسيأتي لذلك زيادة بيان عند الكلام على مضار وسائل تحديد النسل أو منعه أو تنظيمه.

رابعا: إن الدعاة إلى تحديد النسل خشية أن تضيق الأرض بالسكان، وخشية أن تضيق بهم وسائل العيش من كثرتهم مع خطئهم في تقديرهم وقصور عقولهم يظنون بالله الظنون، ويتدخلون في تقديره لشئون عباده، وهذا هو الضلال البعيد، فإن الله هو الذي خلق عباده، وهو الذي يدبر معايشهم، وهو الرزاق ذو القوة المتين، وقد قدر أرزاقهم وما يجري عليهم في جميع أحوالهم قبل أن يكونوا، قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (١) وقال {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} (٢) وقال {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (٣) وقد أنكر على المشركين قتلهم أولادهم خشية الفقر، لاشتماله على جرائم، جريمة قتل النفس، وجريمة ظن السوء بالله، ودخول الإنسان فيما لا يعنيه مما هو شأن من شئون الله، وكل من قتل النفس وظن السوء بالله، والدخول فيما هو من شئون الله وحده جريمة، قال الله تعالى {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} (٤) وقال {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} (٥) وقال تعالى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (٦) فمن حدد النسل بإجهاض قد يكون مرتكبا لهذه الجرائم الثلاث أو لبعضها، ومن حدده بمنع الحمل بوسيلة غير الإجهاض فهو مرتكب لجريمة ظن السوء بالله، وجريمة الدخول فيما هو من شئونه وحده، وكفى بذلك عدوانا وضلالا مبينا.

الثاني: ذكر دعاة تحديد النسل أن الفطرة وضعت حدا مناسبا لتنظيم النسل والمنع من تضخمه في جميع أنواع الأحياء حتى الإنسان، وذلك بالقضاء على كثير من أسباب التوالد والتناسل ابتداء وبالموت


(١) سورة القمر الآية ٤٩
(٢) سورة الرعد الآية ٨
(٣) سورة هود الآية ٦
(٤) سورة الأنعام الآية ١٥١
(٥) سورة الإسراء الآية ٣١
(٦) سورة الإسراء الآية ٣٦