للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفقهية والحكم الشرعية التي تستنبطونها من غوامض المسائل؟. . . إلى أن قال: " وإذا ثبت أن الحد لا يسقط بالتوبة، فالتوبة مقبولة، والقطع كفارة له " (١).

ونحن نميل إلى ما ذهب إليه ابن عاشور، والإمام القرطبي، وابن العربي في أن التوبة لا تسقط حد السرقة.

وإذا كان الأمر كذلك فما موقف صاحب الظلال من هذه الآية؟ يقول: يفتح الله باب التوبة لمن يريد أن يتوب على أن يندم ويرجع ويكف، ثم لا يقف عند هذه الحدود السلبية، بل يعمل عملا صالحة، ويأخذ في خير إيجابي {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢).

فالظلم عمل إيجابي شرير مفسد، ولا يكفي أن يكف الظالم عن ظلمه ويقعد، بل لا بد أن يعوضه بعمل إيجابي خير مصلح.

على أن الأمر في المنهج الرباني أعمق من هذا، فالنفس الإنسانية لا بد أن تتحرك، فإذا هي كفت عن الشر والفساد ولم تتحرك للخير والصلاح بقي فيها فراغ وخواء قد يرتدان بها إلى الشر والفساد، فأما حين تتحرك إلى الخير والصلاح فهي تأمن الارتداد إلى الشر والفساد، بهذه الإيجابية، وبهذا الامتلاء. . إن الذي يربي بهذا المنهج هو الله الذي خلق، والذي يعلم من خلق.


(١) تفسير ابن عاشور، ٧/ ٤٠٢ / ٧٣.
(٢) سورة المائدة الآية ٣٩