للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإذنه، قال تعالى: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} (١) فقبل إرادته ومشيئته ما كانت لهم توبة وما وجد لهم عزم عليها.

خامسا: فقال الله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢).

وإذا كان الأمر كذلك فما هي الجهالة في مفهوم الشرع، وعند علماء اللغة؟ يقال: الجهل نقيض العلم والجمع جهل وجهال، ويقسمه بعضهم إلى ثلاثة أضرب: الأول: خلو النفس من العلم، وقد جعل بعض المتكلمين الجهل معنى مقتضيا للأفعال الخارجة عن النظام، كما جعل العلم معنى مقتضيا للأفعال الجارية على النظام، الثاني: اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه.

الثالث: فعل الشيء بخلاف ما حقه أن يفعل، سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا أو فاسدا (٣).

والجهالة عند الإمام القرطبي تعم الكفر والمعاصي، فكل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته، قال قتادة: أجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أن كل معصية فهي بجهالة، عمدا كانت أو جهلا، وقاله ابن عباس وقتادة والضحاك ومجاهد


(١) سورة التوبة الآية ١١٨
(٢) سورة الأنعام الآية ٥٤
(٣) راجع بصائر ذوي التمييز، ٢/ ٤٠٦.