للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوله: وأصلحوا فيه دليل على أن التوبة وحدها لا تكفي، بل لا بد من ظهور أمارات الصلاح عليه، فإن هذا الذنب مما يتعلق بحقوق العباد، ولذلك شدد فيه.

ويقول صاحب الظلال: " قد اختلف الفقهاء في هذا الاستثناء، هل يعود إلى العقوبة الأخيرة وحدها؛ فيرفع عنه وصف الفسق ويظل مردود الشهادة؟ أم أن شهادته تقبل كذلك بالتوبة؟ فذهب الأئمة: مالك وأحمد والشافعي إلى أنه إذا تاب قبلت شهادته، وارتفع عنه حكم الفسق، وقال الإمام أبو حنيفة: إنما يعود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة فيرتفع الفسق بالتوبة، ويبقى مردود الشهادة، وقال الشعبي والضحاك: لا تقبل شهادته وإن تاب، إلا أن يعترف على نفسه أنه قال البهتان فيما قذف، فحينئذ تقبل شهادته، [وهذا القول الأخير: هو الذي اختاره صاحب الظلال لأنه في رأيه] إعلان براءة المقذوف باعتراف مباشر من القاذف، وبذلك يمحى آخر أثر للقذف " (١).

ونحن أيضا نرى أن تنفيذ هذا الرأي، فيه تطهير للمجتمع وتنظيم لسلوك أفراده، وتصفية لقلوبهم، وتربية لنفوسهم؛ فلا يدفعها الهوى والغرض، أو الحقد والشنآن على البغي على الآخرين، وقذفهم بما لم يقترفوه، دون دليل واضح أو بينة قائمة.


(١) راجع في ظلال القرآن ٦/ ٦٣، ٦٤.