للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج- وقد يظن الرجل أن وطأه امرأته أو أمته وهي ترضع يضر بالولد، فيمتنع من ذلك محافظة على صحة الرضيع وحرصا على سلامته، سواء قلنا تغير لبن المرأة وتضرر الرضيع بنفس الجماع أو بالحمل المتوقع منه فعلى تقدير أن ذلك يعتبر عذرا للرجل في ترك الجماع أو للزوجة في الامتناع منه فإنه ليس من باب تحديد النسل أصلا ولا من جنس منع الحمل للدواعي المنكرة التي اعتمد عليها دعاة تحديد النسل أو منعه، على أن النبي - صلى الله عليه وسلم- هم أن ينهى عن الغيلة محافظة على الرضيع ثم رجع عن ذلك وبين السبب، روى أحمد ومسلم عن جذامة بنت وهب الأسدية قالت حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس وهو يقول: «لقد هممت أن أنهى عن الغيلة، فنظرت إلى الروم فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم شيئا (١)». . " الحديث.

د- ربما يحتاج الرجل إلى العزل عن أمته أو زوجته حرة أو أمة، وقد اختلف العلماء في حكم ذلك اختلافا كثيرا فمنهم من حرم ذلك مطلقا عن أمته وزوجته حرة أو أمة، ومنهم من أجازه مطلقا وفرق جماعة بين الأمة والحرة، وفرق آخرون بين حالة الإذن وعدمه فأباحه في الأولى دون الثانية وتفصيل الخلاف في ذلك معروف في كتب الفقه، ومنشؤه اختلاف العلماء في فهم ما ورد في ذلك من الأحاديث واختلافهم فيمن له الحق في الوطء والولد ومن لا حق له في ذلك.

ولما كان كلام ابن القيم مستوفيا لتفصيل القول في حكم العزل مع الأدلة والمناقشة اكتفينا بذكره هنا قال رحمه الله (٢) فصل: في حكمه صلى الله عليه وسلم - في العزل.

ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد قال «أصبنا سبيا فكنا نعزل فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وإنكم لتفعلون قالها ثلاثا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة (٣)». وفي السنن عنه أن رجلا قال: «يا رسول الله إن لي جارية وأنا أعزل عنها وأنا أكره أن تحمل وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث أن العزل الموءودة الصغرى قال: كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه (٤)». وفي الصحيحين عن جابر «كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل (٥)». وفي صحيح مسلم عنه «كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا (٦)». وفي مسلم أيضا: عنه قال: «سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن عندي جارية وأنا أعزل عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ذلك لا يمنع شيئا أراده الله قال فجاء الرجل فقال يا رسول الله إن الجارية التي ذكرتها لك حملت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا عبد الله ورسوله (٧)».

وفي صحيح مسلم أيضا عن أسامة بن زيد أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول


(١) صحيح مسلم النكاح (١٤٤٢)، سنن الترمذي الطب (٢٠٧٧)، سنن النسائي النكاح (٣٣٢٦)، سنن أبو داود الطب (٣٨٨٢)، سنن ابن ماجه النكاح (٢٠١١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤٣٤)، موطأ مالك الرضاع (١٢٩٢)، سنن الدارمي النكاح (٢٢١٧).
(٢) ص٣٠ من ج٤ من زاد المعاد طبع مطبعة أنصار السنة المحمدية
(٣) صحيح البخاري النكاح (٥٢١٠)، صحيح مسلم النكاح (١٤٣٨)، سنن الترمذي النكاح (١١٣٨)، سنن النسائي النكاح (٣٣٢٧)، سنن أبو داود النكاح (٢١٧٢)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٢٦)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٦٨)، موطأ مالك الطلاق (١٢٦٢)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٢٤).
(٤) سنن أبو داود النكاح (٢١٧١)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٨٢)، موطأ مالك الطلاق (١٢٦٢)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٢٤).
(٥) صحيح البخاري النكاح (٥٢٠٩)، صحيح مسلم النكاح (١٤٤٠)، سنن الترمذي النكاح (١١٣٦)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٠٩).
(٦) صحيح البخاري النكاح (٥٢٠٩)، صحيح مسلم النكاح (١٤٤٠)، سنن الترمذي النكاح (١١٣٦)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٠٩).
(٧) صحيح مسلم النكاح (١٤٣٩)، سنن أبو داود النكاح (٢١٧٣)، سنن ابن ماجه المقدمة (٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٨٨).