«ورأى عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه بعض أقاربه يخذف، فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال: " إنه لا يصيد صيدا، ولا ينكأ عدوا ". ثم رآه في وقت آخر يخذف، فقال: أقول إن الرسول نهى عن هذا ثم تخذف، لا كلمتك أبدا (١)».
فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يعظمون هذا الأمر جدا، ويحذرون الناس من التساهل بالسنة أو الإعراض عنها أو الإنكار لها برأي من الآراء أو اجتهاد من الاجتهادات. وقال أبو حنيفة في هذا المعنى رضي الله عنه ورحمه: إذا جاء الحديث عن رسول الله فعلى العين والرأس وإذا جاء عن الصحابة رضي الله عنهم فعلى العين والرأس. . إلى آخر كلامه. وقال مالك رحمه الله: ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر. يعني النبي عليه الصلاة والسلام.
وقال أيضا: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وهو اتباع الكتاب والسنة. وقال الشافعي رحمه الله: إذا رويت عن الرسول حديثا صحيحا ثم رأيتموني خالفته فاعلموا أن عقلي قد ذهب. وفي لفظ آخر، قال: إذا جاء الحديث عن رسول الله
(١) رواه الإمام أحمد في (أول مسند البصريين)، حديث عبد الله بن مغفل برقم (٢٠٠٢٨)، والبخاري في (الأدب) باب النهي عن الخذف برقم (٦٢٢٠)، ومسلم في (الصيد والذبائح) باب إباحة ما يستعان به على الاصطياد برقم (١٩٥٤)، وأبو داود في (الأدب) باب الخذف برقم (٥٢٧٠) واللفظ له.