رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب الأخذ به مطلقا، ولا يشترط في ذلك أن يكون متواترا أو مشهورا أو مستفيضا أو بعدد كذا من الطرق، بل يجب أن يؤخذ بالسنة ولو كانت من طريق واحدة، متى استقام الإسناد وجب الأخذ بالحديث مطلقا، بسند واحد أو بسندين أو بثلاثة، أو بأكثر، سواء سمي خبرا متوترا، أو خبر آحاد، لا فرق في ذلك، كلها حجة يجب الأخذ بها، مع اختلاف ما تقتضيه من العلم الضروري أو العلم النظري أو الظني إذا استقام الإسناد وسلم من العلة، فالعمل بها واجب، والأخذ بها متعين، متى صح الإسناد وسلم من العلة عند أهل العلم بهذا الشأن. أما كونه متواترا، أو كونه مشهورا، أو مستفيضا، أو آحادا غير مستفيض ولا مشهور، أو غريبا، أو غير ذلك، فهذه أشياء اصطلح عليها أهل الحديث في علم الحديث، وبينوها في أصول الفقه أيضا، وأحكامها عندهم معلومة، والعلم بها يختلف بحسب اختلاف الناس؛ فإنه قد يكون هذا الحديث متواترا عند زيد وعمرو، وليس متواترا عند خالد وبكر؛ لما بينهما من الفرق في العلم، واتساع المعرفة، فقد يروي زيد حديثا من عشرة طرق، أو من ثمانية، أو من سبعة، أو من ستة أو خمسة، ويقطع هو أنه بهذا متواتر؛ لما اتصف به رواته من العدالة، والحفظ، والإتقان، والجلالة. وقد يروي الآخر حديثا من عشرين سندا، ولا يحصل له ما حصل لذلك من العلم اليقيني القطعي بأنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو بأنه متواتر. فهذه أمور تختلف بحسب ما يحصل للناس من العلم بأحوال الرواة وعدالتهم،