للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا تقع زكاة، إذ حقيقة الحاجة أمر باطن لا يوقف عليه، فلا يعرف الفضل عن الحاجة؛ فيقام دليل الفضل عن الحاجة مقامه، وهو الإعداد للإسامة والتجارة، وهذا قول عامة العلماء. وقال مالك: هذا ليس بشرط لوجوب الزكاة، وتجب الزكاة في كل مال، سواء كان ناميا فاضلا عن الحاجة الأصلية أو لا، كثياب البذلة والمهنة والعلوفة والحمولة والعمولة من المواشي وعبيد الخدمة والمسكن والمراكب وكسوة الأهل وطعامهم، وما يتجمل به من آنية أو لؤلؤ أو فرش ومتاع لم ينو به التجارة ونحو ذلك، واحتج بعمومات الزكاة من غير فصل بين مال ومال، نحو قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (١)، وقوله عز وجل: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (٢) {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (٣)، وقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (٤)، وغير ذلك، ولأنها وجبت شكرا لنعمة المال، ومعنى النعمة في هذه الأموال أتم وأقرب؛ لأنها متعلق البقاء فكانت أدعى إلى الشكر. ولنا: أن معنى النماء والفضل عن الحاجة الأصلية لا بد منه لوجوب الزكاة؛ لما ذكرنا من الدلائل، ولا يتحقق ذلك في هذه الأموال، وبه تبين أن المراد من العمومات الأموال النامية الفاضلة عن الحوائج الأصلية. وقد خرج الجواب عن قوله: إنها نعمة؛ لما ذكرنا أن معنى النعمة فيها يرجع إلى البدن؛ لأنها تدفع الحاجة الضرورية وهي حاجة دفع الهلاك عن البدن؛ فكانت


(١) سورة التوبة الآية ١٠٣
(٢) سورة المعارج الآية ٢٤
(٣) سورة المعارج الآية ٢٥
(٤) سورة البقرة الآية ٤٣