في ملكه إلا بقبوله فهو حاصل بكسبه، فكانت نيته مقارنة لفعله؛ فأشبه قرانها بالشراء والإجارة. والقول الأول أصح؛ لأن التجارة كسب المال ببذل ما هو مال، والقبول اكتساب المال بغير بدل أصلا، فلم تكن من باب التجارة، فلم تكن النية مقارنة عمل التجارة. ولو استقرض عروضا ونوى أن تكون للتجارة اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: يصير للتجارة؛ لأن القرض ينقلب معاوضة المال بالمال في العاقبة، وإليه أشار في الجامع أن من كان له مائتا درهم لا مال له غيرها، فاستقرض قبل حولان الحول بيوم من رجل خمسة أقفزة لغير التجارة، ولم تستهلك الأقفزة حتى حال الحول، لا زكاة عليه في المائتين، ويصرف الدين إلى مال الزكاة دون الجنس الذي ليس بمال الزكاة. فقوله:" استقرض لغير التجارة " دليل أنه لو استقرض للتجارة يصير للتجارة. وقال بعضهم: لا يصير للتجارة وإن نوى؛ لأن القرض إعارة، وهو تبرع لا تجارة، فلم توجد نية التجارة مقارنة للتجارة؛ فلا تعتبر. ولو اشترى عروضا للبذلة والمهنة، ثم نوى أن تكون للتجارة بعد ذلك، لا تصير للتجارة ما لم يبعها، فيكون بدلها للتجارة. فرق بين هذا وبين ما إذا كان له مال التجارة، فنوى أن يكون للبذلة، حيث يخرج من أن يكون للتجارة وإن لم يستعمله؛ لأن النية لا تعتبر ما لم تتصل بالفعل، وهو ليس بفاعل فعل التجارة، فقد عزبت النية عن فعل التجارة، فلا تعتبر للحال، بخلاف ما إذا نوى الابتذال؛ لأنه نوى ترك التجارة، وهو تارك لها في الحال، فاقترنت النية بعمل هو ترك التجارة؛ فاعتبرت.