وهذا قول أصحابنا الثلاثة، وقال زفر: اليد ليست بشرط، وهو قول الشافعي، فلا تجب الزكاة في المال الضمار عندنا خلافا لهما، وتفسير مال الضمار: هو كل مال غير مقدور الانتفاع به مع قيام الأصل الملك، كالعبد الآبق، والضال، والمال المفقود، والمال الساقط في البحر، والمال الذي أخذه السلطان مصادرة، والدين المجحود إذا لم يكن للمالك بينة وحال الحول ثم صار له بينة بأن أقر عند الناس، والمال المدفون في الصحراء إذا خفي على المالك مكانه، فإن كان مدفونا في البيت تجب فيه الزكاة بالإجماع، وفي المدفون في الكرم والدار الكبيرة اختلاف المشايخ احتجا بعمومات الزكاة من غير فصل ولأن وجوب الزكاة يعتمد الملك دون اليد بدليل ابن السبيل فأنه تجب الزكاة في ماله، وإن كانت يده فائتة لقيام ملكه، وتجب الزكاة في الدين مع عدم القبض، وتجب في المدفون في البيت، فثبت أن الزكاة وظيفة الملك، والملك موجود، فتجب الزكاة فيه، إلا أنه لا يخاطب بالأداء للحال؛ لعجزه عن الأداء لبعد يده عنه، وهذا لا ينفي الوجوب كما في ابن السبيل. ولنا ما روي عن علي رضي الله عنه موقوفا عليه، ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا زكاة في مال الضمار»، وهو المال الذي لا ينتفع به مع قيام الملك - مأخوذ من البعير الضامر الذي لا ينتفع به لشدة هزاله مع كونه حيا - وهذه الأموال غير منتفع بها في حق المالك لعدم وصول يده إليها؛ فكانت ضمارا ولأن المال إذا لم يكن مقدور الانتفاع به في حق المالك لا يكون المالك به غنيا، ولا زكاة على