عنده لا يتحقق في حال الحياة والقضاء به باطل، وأبو يوسف وإن كان يرى التفليس، لكن المفلس قادر في الجملة بواسطة الاكتساب، فصار الدين مقدور الانتفاع في الجملة، فكان أثر التفليس في تأخير المطالبة إلى وقت اليسار، فكان كالدين المؤجل، فتجب الزكاة فيه. ولو دفع إلى إنسان وديعة ثم نسي المودع، فإن كان المدفوع إليه من معارفه فعليه الزكاة فيما مضى إذا تذكر؛ لأن نسيان المعروف نادر، فكان طريق الوصول قائما، وإن كان ممن لا يعرفه فلا زكاة عليه فيما مضى؛ لتعذر الوصول إليه. ولا زكاة في دين الكتابة والدية على العاقلة؛ لأن دين الكتابة ليس بدين حقيقة؛ لأنه لا يجب للمولى على عبده دين؛ فلهذا لم تصح الكفالة به، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم، إذ هو ملك المولى من وجه، وملك المكاتب من وجه؛ لأن المكاتب في اكتسابه كالحر، فلم يكن بدل الكتابة ملك المولى مطلقا بل كان ناقصا، وكذا الدية على العاقلة، ملك ولي القتيل فيها متزلزل، بدليل أنه لو مات واحد من العاقلة سقط ما عليه؛ فلم يكن ملكا مطلقا، ووجوب الزكاة وظيفة الملك المطلق، وعلى هذا يخرج قول أبي حنيفة في الدين الذي وجب للإنسان لا بدلا عن شيء رأسا، كالميراث الدين، والوصية بالدين، أو وجب بدلا عما ليس بمال أصلا، كالمهر للمرأة على الزوج، وبدل الخلع للزوج على المرأة، والصلح، عن دم العمد: أنه لا تجب الزكاة فيه. وجملة الكلام في الديون أنها على ثلاث مراتب في قول أبي حنيفة: دين قوي ودين ضعيف ودين وسط، كذا قال