وقد تكون هذه السمة مفاجأة لبعض الناس، كيف يتأتى أن تكون هذه الفلسفة التي ملأت الدنيا صياحا، منذ نشأت، ولم تكف- منذ أن نشأت للآن - عن الصياح: لا رأي لها؟
والأمر أيسر من أن يحتاج إلى استفاضة:
أما أولا: فلأن " الفلسفة لا رأي لها". نتيجة واضحة لكل ما قدمنا.
وأما الثانية: فخذ أي مسألة من مسائل الفلسفة فستجد فيها الآراء التي تنكر، والآراء التي تثبت، إنك ترى الرفض والقبول في كل أمر.
والرفض فلسفة، والقبول فلسفة.
وقد يكون الرأي توقفا على الرفض والقبول وهو فلسفة، وقد يكون شكا في الرفض، وشكا في القبول في آن واحد، وهو أيضا فلسفة.
والشك إما أن يكون شكا في قيمة الآراء التي تعرض: نفيا أو إثباتا.
وإما أن يكون شكا في قيمة وسيلة المعرفة نفسها وهي الحواس والعقل.
وكل ذلك فلسفة في كل مسألة.
وإذا تساءلت- وأنت على علم بالجو الفلسفي: جو المتاهات والوهم- ما الرأي الفلسفي في هذه المسألة أو تلك فستجد كل ما قدمناه ماثلا أمامك يثبت لك بما لا مرية فيه أنه:
(لا رأي للفلسفة).
وقبل أن نخلص إلى الخاتمة نذكر أمرا في منهج الفكر الفلسفي فيه عظة وفيه عبرة:
إن محاورة " فيدون " لأفلاطون لها أهميتها لأكثر من وجه. منها أنها: