للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وما كنت أجد الإجابة عن هذا السؤال آنئذ، لكن عرفت فيما بعد أن هذا هو المنهج اليهودي الذي رسموه بعد تفكير طويل، والتزموا به بكل الوسائل، أو بكل الطرق، وهو منهج التشكيك في القيم والمثل والعقائد والأخلاق.

يستخدمون هذا المنهج في المجالات المختلفة لإفساد المجتمعات وتحللها أخلاقيا ودينيا، ويضيفون إليه العمل على إثارة العمال على أصحاب رؤوس الأموال، وعلى إيجاد الضغائن والفتنة بين مختلف فئات الشعوب، والثمرة التي يعملون دائبين على الوصول إليها: أن يكون المجتمع شاكا مليئا بالفتن، وذلك سبيلهم إلى السيطرة.

إن اليهود يهدفون من وراء كل ذلك إلى السيطرة على العالم، إنهم يحطمون القيم والمثل حتى لا يكون في المجتمعات قوة من عقائد، أو قوة من خلق، ومن أجل ذلك تكاتفوا على أن تكون لهم الكلمة الأولى في الجامعات في علم الاجتماع وفي علم النفس، وفي مادة الأخلاق، وفي تاريخ الأديان، ولم يكن من السهل علي أثناء هذه الدراسة الاستمساك الواثق بالقيم والمثل التي نشأت عليها، لولا عون الله سبحانه، وتوفيق منه، ولولا لطف الله لصرت كواحد من هؤلاء الألوف الذين يدرسون في الجامعات الأوروبية ثم يخرجون منها، وقد تحطمت في نفوسهم المثل الدينية الكريمة.

- وانتهيت من هذه الدراسة، ثم كانت المرحلة التالية هي مرحلة " الدكتوراه ".، وبعد تجارب هنا وهناك في مجالات مختلفة من الموضوعات، وبعد تردد بين هذا الموضوع أو ذاك- هداني الله- وله الحمد والمنة- إلى دراسة (الحارث بن أسد المحاسبي) ولم يكن ذلك مصادفة، وإنما هي هداية وتوفيق من الله سبحانه وتعالى، وهي عناية أعجز عن شكر الله سبحانه وتعالى عليها.

- وانتهيت من دراسة" الدكتوراه" وأنا أشعر شعورا واضحا بمنهج المسلم في الحياة، وهو منهج: "الاتباع".

إن ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول كلمة موجزة عن هذا المنهج كأنها إعجاز من الإعجاز، إنه يقول: " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ".

وهي كلمة حق وصدق ثرية بالمعاني الطويلة العريضة، يبرهن آخرها على أولها، والنهي في وسطها يبرهن عليه أيضا آخرها: أي اتبعوا فقد كفيتم، والكافي هو الله سبحانه وتعالى الذي أوحى الشرع والأصول والقواعد، وطبق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كل ذلك وبينه، فكان تطبيقه مقياسا وبيانا ومرجعا يرجع إليه المختلفون.

" ولا تبتدعوا فقد كفيتم": إن الذي يبتدع هو من لا كفاية له، ولكن الله - سبحانه وتعالى- بعد أن أكمل الدين، وأتم النعمة، فليس هناك من مجال، ولا من حاجة إلى الابتداع.