للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما سمعنا أحدا قال بهذا، فكذلك نقول في صلاة العيد، ولا فرق، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم إمام ينتظر، ولا ينتظر، فجاء فصلى بالناس، ثم انصرف. وكوننا نأخذ الكراهة من مجرد هذا الترك فيه نظر، ولو قالوا: إن السنة أن لا يصلي، لكان أهون من أن يقال: إنه يكره، لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل نهي، إذ إن الكراهة لا تثبت إلا بنهي، إما نهي عام مثل: " كل بدعة ضلالة " وإما نهي خاص، ثم إن ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة واضح السبب؛ لأنه إمام منتظر فجاء فصلى وانصرف، لكن نهي المأموم عن التنفل، والقول بكراهته لا يخلو من نظر " (١).

الدليل السادس: ما رواه ثعلبة بن زهدم، «أن عليا رضي الله عنه استخلف أبا مسعود رضي الله عنه على الناس، فخرج في يوم عيد، فقال: " يا أيها الناس إنه ليس من السنة أن يصلى قبل الإمام (٢)».


(١) الشرح الممتع على زاد المستقنع، كتاب الصلاة، باب صلاة العيدين ٥/ ٢٠٢، ٢٠٣.
(٢) رواه النسائي في سننه الصغرى (المجتبى)، كتاب صلاة العيدين: الصلاة قبل الإمام يوم العيد ٣/ ١٨١، ١٨٢، قال: أخبرنا إسحاق بن منصور، قال: أنبأنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأشعث، عن الأسود بن هلال، عن ثعلبة بن زهدم. . . فذكره. وإسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الصحيحين، عدا. ثعلبة بن زهدم، وقد اختلف في صحبته، وقد جزم بصحبته أكثر من ألف في الصحابة، وقال العجلي: " تابعي ثقة ". ينظر الإصابة ١/ ٢٠٠، تاريخ الثقات ص ٩٠، تهذيب التهذيب ٢/ ٢٢، ٢٣. وقال الشيخ محمد بن ناصر الدين في صحيح سنن النسائي ١/ ٢٤٢ " صحيح الإسناد "، وقال الأرنؤوط في تعليقه على جامع الأصول ٦/ ١٥٢: " إسناده صحيح ". ورواه الطبراني في الكبير ١٧/ ٢٤٨، رقم (٦٩٢) قالت: حدثنا عثمان بن عمر الضبي، ثنا عمرو بن مرزوق، نا شعبة، عن أشعث بن سليم، عن الأسود بن هلال، عن أبي مسعود، قال: " ليس من السنة الصلاة قبل خروج الإمام يوم العيد ". وإسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين، غير عمرو بن مرزوق، فهو من رجال البخاري وحده، وهو " ثقة له أوهام " كما في التقريب، وغير عثمان بن عمر الضبي، وقد وثقه الحاكم، فقال: " ثقة مشهور "، كما في تاريخ الإسلام للذهبي ٢١/ ٢٢٤، وذكره ابن حبان في الثقات ٨/ ٤٥٥، وقال: " روى عنه أصحابنا ". وقال الهيثمي في المجمع ٢/ ٢٠٢، والشوكاني في نيل الأوطار ٣/ ٣٧١: " رجاله ثقات ". وقد رواه ابن أبي شيبة ٢/ ١٧٨ من طريق وكيع، عن سفيان، وابن المنذر في الأوسط ٤/ ٢٦٨، ٢٦٩، رقم (٢١٤١) من طريق أبي الأحوص، كلاهما عن الأشعث عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم الحنظلي، قال: لما خرج علي إلى صفين استعمل أبا مسعود الأنصاري على الناس، فكان يوم عيد، فخرج أبو مسعود، فأتى الجبانة، والناس بين مصل وقاعد، فلما توسطهم، قال: " أيها الناس إنه لا صلاة في يومكم هذا حتى يخرج الإمام " وهذا لفظ ابن المنذر، ولفظ ابن أبي شيبة: " أن أبا مسعود الأنصاري قام في يوم عيد فقال. . . " فذكره بنحو رواية ابن المنذر. وإسناد ابن أبي شيبة صحيح.