الدين من الحوائج الأصلية، والمال المحتاج إليه حاجة أصلية لا يكون مال الزكاة؛ لأنه لا يتحقق به الغنى، ولا صدقة إلا عن ظهر غنى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد خرج الجواب عن قوله: إنه وجد سبب الوجوب وشرطه؛ لأن صفة الغنى مع ذلك شرط ولا يتحقق مع الدين مع ما (١) أن ملكه في النصاب ناقص، بدليل أن لصاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه أن يأخذه من غير قضاء ولا رضاء.
وعند الشافعي له ذلك في الجنس وخلاف الجنس وذا آية عدم الملك، كما في الوديعة والمغصوب، فلأن يكون دليل نقصان الملك أولى.
وأما العشر فقد روى ابن المبارك عن أبي حنيفة أن الدين يمنع وجوب العشر فيمنع على هذه الرواية، وأما على ظاهر الرواية، فلأن العشر مؤنة الأرض النامية كالخراج فلا يعتبر فيه غنى المالك، ولهذا لا يعتبر فيه أصل الملك عندنا حتى يجب في الأراضي الموقوفة وأرض المكاتب، بخلاف الزكاة، فإنه لا بد فيها من غنى المالك، والغنى لا يجامع الدين، وعلى هذا يخرج مهر المرأة، فإنه يمنع وجوب الزكاة عندنا معجلا كان أو مؤجلا؛ لأنها إذا طالبته يؤاخذ به.
وقال بعض مشايخنا: إن المؤجل لا يمنع؛ لأنه غير مطالب به عادة، فأما المعجل فيطالب به عادة فيمنع.
وقال بعضهم: إن كان الزوج على عزم من قضائه يمنع، وإن لم يكن على عزم القضاء لا يمنع؛ لأنه لا يعده دينا، وإنما يؤاخذ المرء بما عنده في الأحكام.
وذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري في الإجارة الطويلة التي
(١) كذا في الأصل، ولعل (ما) زائدة، أو تكون بعد أن. إدارة المجلة.