لزفر رحمه الله فيهما، ولأبي يوسف في الثاني؛ لأنه مطالب به من جهة الإمام في الأموال الظاهرة، ومن جهة نوابه في الباطنة؛ لأن الملاك نوابه، فإن الإمام كان يأخذها إلى زمن عثمان رضي الله عنه، وهو فوضها إلى أربابها في الأموال الباطنة، قطعا لطمع الظلمة فيها، فكان ذلك توكيلا منه لأربابها.
وقيل لأبي يوسف: ما حجتك على زفر؟ فقال: ما حجتي على رجل يوجب في مائتي درهم أربعمائة درهم؟! ومراده إذا كان لرجل مائتا درهم وحال عليها ثمانون حولا.
ولو طرأ الدين في خلال الحول يمنع وجوب الزكاة عند محمد، كهلاك النصاب كله، وعند أبي يوسف لا يمنع، كنقصان النصاب في أثناء الحول، ثم لا فرق بين أن يكون الدين بطريق الكفالة والأصالة حتى لا تجب عليهما الزكاة، بخلاف الغاصب وغاصب الغاصب، حيث تجب على الغاصب في ماله دون غاصب الغاصب، والفرق أن الأصيل والكفيل كل واحد منهما مطالب به؛ أما الغاصبان فكل واحد منهما غير مطالب به، بل أحدهما.
وإن كان ماله أكثر من الدين زكى الفاضل إذا بلغ نصابا بالفراغة عن الدين، وإن كان له نصب يصرف الدين إلى أيسرها قضاء، مثاله: إذا كان له دراهم ودنانير وعروض التجارة وسوائم من الإبل ومن البقر والغنم وعليه دين، فإن كان يستغرق الجميع فلا زكاة عليه، وإن لم يستغرق صرف إلى الدراهم والدنانير أولا، إذ القضاء منهما أيسر؛ لأنه لا يحتاج إلى بيعهما، ولأنه لا تتعلق المصلحة بعينهما، ولأنهما لقضاء الحوائج وقضاء الدين منها، ولأن للقاضي أن يقضي الدين منهما