وأما المالكون الذين عليهم الديون التي تستغرق أموالهم أو تستغرق ما تجب فيه الزكاة من أموالهم وبأيديهم أموال تجب فيها الزكاة فإنهم اختلفوا في ذلك، فقال قوم: لا زكاة في مال حبا كان أو غيره حتى تخرج منه الديون، فإن بقي ما تجب فيه الزكاة زكي وإلا فلا.
وبه قال الثوري وأبو ثور وابن المبارك وجماعة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: الدين لا يمنع زكاة الحبوب ويمنع ما سواها.
وقال مالك: الدين يمنع زكاة الناض فقط إلا أن يكون له عروض فيها وفاء من دينه فإنه لا يمنع، وقال قوم بمقابل القول الأول، وهو أن الدين لا يمنع زكاة أصلا والسبب في اختلافهم اختلافهم هل الزكاة عبادة أو حق مرتب في المال للمساكين؟ فمن رأى أنها حق لهم قال: لا زكاة في مال من عليه الدين؛ لأن حق صاحب الدين متقدم بالزمان على حق المساكين، وهو في الحقيقة مال صاحب الدين لا الذي بيده.
ومن قال: هي عبادة، قال: تجب على من بيده مال؛ لأن ذلك هو شرط التكليف وعلامته المقتضية الوجوب على المكلف، سواء كان عليه دين أو لم يكن، وأيضا فإنه قد تعارض هنالك حقان حق لله وحق للآدمي، وحق الله أحق أن يقضى، والأشبه بغرض الشرع إسقاط الزكاة عن المديان؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «فيها صدقة