للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العبد بأنه مسترعى على أهل بيته، فإنه يحرص على من استرعاه الله إياهم، ويبذل جهده في إصلاحهم، وجلب الخير لهم، وحراستهم عن الشرور والأضرار وأسباب الهلاك والتردي، فلا بد أن يعد للسؤال جوابا، وللجواب صوابا.

كما أن العاقل يعلم أن مصلحته في حماية الرعية التي تحت يده، حيث إن صلاحهم واستقامتهم يجلب له السعادة، والحياة الطيبة، وقرة العين عندما يرى ثمرة عنايته قد أينعت وأسفرت عن ذرية صالحة، تبر بالوالد، وتحنو على الولد، وتطيع الله تعالى، وتعمل الأسباب في النجاة من عذابه. فإن أصل الرعاية في رعي بهيمة الأنعام أي: إسامتها، كما قال تعالى: {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} (١). وقال تعالى: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} (٢).

فرعاة الدواب المأمونون الناصحون يلاحظونها، ويقصدون بها الأماكن المعشبة، ويراقبونها بنظرهم، ويحفظونها عن السباع واللصوص والضياع، فمتى فرط الراعي في الحفظ والانتباه فإنه مسئول عما ند منها وملزم بالضمان، وقد قال الشاعر (٣):

ومن رعى غنما في أرض مسبعة ... ونام عنها تولى رعيها الأسد

وهكذا يكون أولياء الأمور متى فرط أحدهم، وأهمل أولاده، وغفل عن مصلحة رعيته، فإنه يعتبر ملوما وسوف يحاسب على


(١) سورة النحل الآية ١٠
(٢) سورة طه الآية ٥٤
(٣) هو أبو مسلم الخراساني، كما في ترجمته في سير أعلام النبلاء ٦/ ٥٣، وتاريخ بغداد ١٠/ ٢٠٨.