للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالنبي صلى الله عليه وسلم أب للمؤمنين أبوة دينية، بمعنى أنه يربيهم ويرشدهم ويدلهم على الخير وعلى عبادة الله وطاعته والاستقامة على دينه، بل إن كل الأنبياء بهذا المعنى آباء لأممهم؛ ولهذا نقل عن مجاهد أنه قال: "كل نبي أب لأمته " (١)؛ لأنهم نصحوا لأممهم وأرشدوهم إلى الخير ونهوهم عن الشر.

ومما يدل على هذا المعنى ويقويه ما ثبت في السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطب بيمينه (٢)» «وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة (٣)». فهذا الحديث فيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم أب للمؤمنين على المعنى الذي ذكر في الحديث وهو بالنظر إلى ما يقوم به صلى الله عليه وسلم لهم من نصح وبيان وإرشاد.

ولهذا يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله:

" وهو صلى الله عليه وسلم أب للمؤمنين كما في قراءة بعض الصحابة يربيهم كما يربي الوالد أولاده " (٤).

وعلى هذا فلا مانع من وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه أب للمؤمنين على المعنى الذي سبق بيانه.


(١) ذكره الألوسي في تفسيره (٢١/ ١٥٢).
(٢) سنن النسائي الطهارة (٤٠)، سنن أبو داود الطهارة (٨)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٣١٣)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٤٧)، سنن الدارمي الطهارة (٦٧٤).
(٣) رواه أحمد (٢/ ٢٤٧، ٢٥٠) وأبو داود (١/ ٣)، والنسائي (١/ ٣٨)، وابن ماجه (١/ ١١٤)، وحسنه الألباني. انظر صحيح الجامع (٢/ ٢٨٤). والرمة: العظم.
(٤) تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي (٦/ ٩٨).