لقد كان يعالج القضية الأولى، والقضية الكبرى، والقضية الأساسية في هذا الدين الكريم، فقضية العقيدة ممثلة في قاعدتها الرئيسية الألوهية والعبودية وما بينهما من علاقة.
إنها قضية الإنسان التي لا تتغير لأنها قضية وجوده في هذا الكون، وقضية مصيره، وقضية علاقته بخالق هذا الكون بكل ما فيه من الأحياء، وكانت العقيدة هي القضية الكبرى التي يقوم عليها وجوده على توالي الأزمان.
ولقد شاء الله تعالى أن تكون قضية العقيدة هي القضية التي تتصدى لها الدعوة منذ اليوم الأول لهذه الرسالة العالمية، وأن يبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أولى خطواته في الدعوة بدعوة الناس أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن يمضي في دعوته يعرف الناس بربهم الحق، ويعبدهم له دون سواه.
إن الناس كل الناس عبيد لله وحده لا شريك له، ولا يكونون عبيدا لله وحده إلا أن ترتفع راية لا إله إلا الله، فالجنسية التي توحد الناس هي جنسية العقيدة التي يتساوى فيها العربي والروماني والفارسي وسائر الأجناس والألوان تحت راية لا إله إلا الله، وبعث رسول الله خير بهذا الدين الذي يعمل على بناء الأخلاق التي لا. تقوم إلا على أساس من العقيدة التي تضع الموازين، وتحدد القيم، وتقرر السلطة التي تعتمد عليها هذه الموازين والقيم، وبدون هذه العقيدة تظل القيم والأخلاق كلها