إيجار أموال من في ولاية غيرهم أو بيت المال أو الوقف، أو إذا تم العقد في حال يكون المتعاقد في غير بينة من حقيقة الأسعار بالأسواق كما في حال تلقي الركبان، ويشترط أن يكون الغبن فاحشا، غير يسير مما يتغابن المتعاملون بمثله، ويجعل هذا الغبن حقا لمن أصابه، في طلب تكملة الثمن إلى الحد الذي يقتنيه، ولا يذر مثل ذلك الغبن العقد باطلا أو محظورا، إذا لم تطلب إزالته. .
فبيع النسيئة يؤثر الغبن فيه، كما لا يؤثر في السلم، ولا يكون ثم أصل شرعي عام يقيد تقدير مقابل الأجل في البيوع أو يحظر المغالاة فيه. ونجد في ذلك الأصل الذي يذر تقدير الأموال والمنافع إلى ما يرتضيه ذووها، ولا يحظر التغابن فيها، ما قد يبين منه أن النهي في القرآن الكريم عن أكل الربا أضعافا مضاعفة، لا وجه لصرفه إلى الربا الفاحش، ليقتصر التحريم في النص على الربا المركب، الذي تؤخذ فيه فائدة على ما تجمد من الفوائد (١).
وما كان العرب حين جاءهم الإسلام يعرفون التفرقة في الحكم بين يسير الربا وفاحشه، ولا بين بسيط الربح ومركبه، كما لم يعلق الإسلام مشروعية البيع على اعتدال الثمن، ولم يحظره لبخس بالثمن أو غلو فيه. وإنما الأقرب أن ينصرف النهي إلى طلب الكف عن الاستمرار في الاستثمار الربوي، فإن الربا لا يتضاعف بتضاعف الأجل، ولا يبلغ الربا الأضعاف المضاعفة إلا بمكث المال في حمأة الاستغلال المحظور، فكان الخطاب في سورة آل عمران، لينتهي كل مكلف عن الإخلاد إلى المداينات الربوية، ثم بينت آيات سورة البقرة، بعد النص على تحريم الربا، ما يتبع لتصفية الديون الربوية القائمة عند التنزيل، بأداء رءوس أموالها وحدها بغير أية زيادة فوقها، فكانت حرمة الربا مطلقة تحظر يسيره كما تحظر فاحشه.