ليعلم ذلك من غير أن يحتج بهم، وكان مالك لا يرى الرواية إلا عن متقن صدوق (١).
وهذا الاتهام ليس بقادح؛ فما دام يعقوب اليهودي أو غيره أسلم وحسن إسلامه فإنه أصبح من المسلمين، وكونه يتتبع روايات قصة خيبر، وقريظة، والنضير وغيرها، ويكتبها من غير أن يحدث بها، ولكن لينظر فيها؛ لا شيء فيه، فالكتابة عن كل أحد لا مطعن فيها فقد قالوا: إذا كتبت فغمش، وإذا حدثت ففتش.
وأيضا فحديثه صلى الله عليه وسلم دليل على جواز الاستماع إلى أهل الكتاب والكتابة أيضا، خاصة ما دام الأمر ليس في الحلال والحرام وإنما في الأخبار.
ثم إن رواية أبي داود منقطعة لا حجة فيها فهي عن بعض أصحابه ولم يسمه، ويعقوب هذا لعله من مسلمة أهل الكتاب الذين حسن إسلامهم، ولم يورد دليلا على صحة مقالته سوى هذه الرواية المنقطعة، وليس غريبا أن يصفوا من أسلم بأنه يهودي، فقد وصفوا كعب الأحبار وغيره باليهودي باعتبار ما كان سالفا، وهذا وإن كان لا يجوز لمن أسلم وحسن إسلامه، لكنه وارد في مقالة السابقين كثيرا، وأيضا فهل وجد الناظر في حديثه في السير والمغازي شيئا من روايته عن يهودي أو نصراني؟!
وإذن فهذه التهمة لا تقدح فيه أصلا، وبالله التوفيق.