للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إشارة مخالفة السنن الثابتة، ونعوذ بالله من الخذلان.

قال علي: وكل هذه الآثار حق، فلا تحل الصلاة حيث ذكرنا، إلا صلاة الجنازة فإنها تصلى في المقبرة وعلى القبر الذي قد دفن صاحبه، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نحرم ما نهى عنه، ونعد من القرب إلى الله تعالى أن نفعل مثل ما فعل، فأمره ونهيه حق، وفعله حق، وما عدا ذلك فباطل، والحمد لله رب العالمين " (١).

وقال علي محفوظ رحمه الله:

ومن البدع اتخاذ المقابر مساجد بالصلاة إليها. فعن أبي مرثد كناز بن الحصين رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها (٢)» رواه مسلم وأبو مرثد بفتح الميم واسمه كناز بفتح الكاف وتشديد النون وآخره زاي.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام (٣)» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم. وقال صلوات الله وسلامه عليه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» متفق عليه.

والسر في ذلك أن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها. وقد ذكر ابن عباس وغيره من السلف أن ودا وسواعا وإخوانهما كانوا قوما صالحين من قوم نوح عليه السلام، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم، وكان هذا مبدأ


(١) المحلى ٤/ ٣٢.
(٢) صحيح مسلم الجنائز (٩٧٢)، سنن الترمذي الجنائز (١٠٥٠)، سنن النسائي القبلة (٧٦٠)، سنن أبو داود الجنائز (٣٢٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٣٥).
(٣) سنن الترمذي الصلاة (٣١٧)، سنن أبو داود الصلاة (٤٩٢)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (٧٤٥).