للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففي هذه الآيات الدلالة الصريحة على غلظ تحريم الربا، وأنه من الكبائر الموجبة للنار، كما أن فيها الدلالة على أن الله سبحانه يمحق كسب المرابي ويربي الصدقات، أي يربيها لأهلها وينميها حتى يكون القليل كثيرا إذا كان من كسب طيب. وفي الآية الأخيرة التصريح بأن المرابي محارب لله ورسوله وأن الواجب عليه التوبة إلى الله سبحانه وأخذ رأس ماله من غير زيادة، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء ".

وهذه المسألة التي كثرت الدعاية لها في الصحف والمجلات من المسائل التي بحثها مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وهذا مضمون ما قرره: وضع الأموال في البنوك لأخذ فائدة ربوية بنسبة معينة يحصل عليها صاحب المال من البنك ونحوه ويدفعها له إما بعد مضي الأجل الذي يتفق عليه وإما عند سحب المال، فيدفع له ما اتفق عليه من الربا الذي سمي ربحا أو فائدة. وهذا ربا صريح حرمه الله ورسوله وأجمع سلف الأمة الإسلامية على تحريمه، وتسميته وديعة، أو باسم غير ذلك لا يغير من حكم الربا المحرم فيه شيئا، فقد جمع ربا الفضل وربا النسيئة؛ لأنه بيع نقود بنقود نسيئة بزيادة ربح ربوي إلى أجل انتهى. . .

والواجب على ولاة الأمور وعلى علماء الإسلام في كل مكان إنكار مثل هذه المعاملات الربوية والتحذير منها، كما أن الواجب على وزارة الإعلام منع نشر مثل هذه المعاملات الربوية والدعاية إليها في جميع وسائل الإعلام، عملا بقول الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (١) وقوله سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٢) وقوله عز وجل: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (٣) {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (٤) وقوله سبحانه: بسم الله الرحمن الرحيم {وَالْعَصْرِ} (٥) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (٦) {إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (٧).

وبالله التوفيق - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. .


(١) سورة المائدة الآية ٢
(٢) سورة آل عمران الآية ١٠٤
(٣) سورة المائدة الآية ٧٨
(٤) سورة المائدة الآية ٧٩
(٥) سورة العصر الآية ١
(٦) سورة العصر الآية ٢
(٧) سورة العصر الآية ٣