وأن يكون قطعا متنوعة من المعادن معلومة الوزن مختوما على كل قطعة ما يدل على مسئولية الحاكم عنها، وبهذا تحقق في النقد الثقة والاطمئنان إليه والقدرة على إدارة التعامل به، إلا أن هذه القدرة غير تامة للصعوبة النسبية في حمله ونقله من مكان إلى آخر، لذلك اتجه الفكر إلى الأخذ بالعملات الورقية، على أن الأخذ بالعملات الورقية لم يكن دفعة واحدة، وإنما كان على مراحل، فخوفا على ضياع النقد في الأسفار التجارية اختار التجار طريق التحويل لمن يريدون التعامل معه، ثم رأوا عدم تعيين أشخاصهم في الحوالة، ولما كثر التعامل بهذه الطريقة، ووجدت الأوراق التحويلية قبولا أصدر الصيارفة أوراقا مصرفية جديدة بقدر الجزء المتداول في الأسواق، وبهذا صارت جزءا من النقود لها قبول عام، وصارت خزائن للثروة ومقياسا للقيم، وقوة شرائية مطلقة. لكن إصدارها كان مشوبا بالفوضى والتلاعب فساءت سمعة هذه الأوراق وضعفت الثقة بها فتدخل ولاة الأمور في الإصدار ومراقبته وتحديده وتعيين شكل للورقة النقدية فاكتسبت بذلك قوة الإبراء التام، ثم جرى العمل على أن من طلب من جهة الإصدار والاستعاضة عما تعهدت به في الورقة بنقود معدنية دفع إليه، ثم تخلف الوفاء بهذا التعهد إلا إذا كان ما طلب استرجاعه كثيرا، وأخيرا تخلف الوفاء بما تعهد به إلا بمثله من الورق، وبذلك انقطعت العلاقة بين الورقة النقدية والنقد المعدني وصارت قيمة وحدة النقود الورقية قيمة مستقلة.