للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريه خير له من أن يمتلئ شعرا (١)». وقد كان من الصحابة رضي الله عنهم شعراء، ومن أشهرهم حسان رضي الله عنه، وقد أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على شعره، بل أمره أن ينافح عنه فكان يسلق المشركين بشعره. وقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من البيان سحرا وإن من الشعر حكمة (٢)». وعلى هذا يتبين أنه ليس كل الشعر مذموما، بل يذم منه ما كان ماجنا أو فيه إبطال حق أو نصر باطل أو شغل عن حق أو كان كذبا ونحو ذلك، ويحمد ما كان ضد ذلك. والشعر من جنس الكلام والأصل فيه الإباحة حتى يكون ما يخرجه عن ذلك، وارجع في ذلك إلى مقدمة دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني.

أما الأنساب فقد ورد في الحث على تعلمها أحاديث، منها الصحيح وغيره، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عليما بالأنساب وكذا بعض الصحابة، والناس في حاجة إلى معرفتها لصلة الأرحام، وأداء حقوق الميراث إلى أهلها، وتحمل الديات، ونحو ذلك، والمذموم إنما هو معرفتها للتفاخر وللعصبية والتناصر على الباطل. والحديث المذكور في السؤال ذكره صاحب كتاب (البيان والتعريف في معرفة أسباب ورود الحديث) ابن حمزة الحسني فقال: «هذا علم لا ينفع وجهالة لا تضر». أخرجه الديلمي عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم.

(سببه): كما في (الجامع) عن بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وأبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «دخل


(١) صحيح البخاري الأدب (٦١٥٥)، صحيح مسلم الشعر (٢٢٥٧)، سنن الترمذي الأدب (٢٨٥١)، سنن أبو داود الأدب (٥٠٠٩)، سنن ابن ماجه الأدب (٣٧٥٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٨٠).
(٢) صحيح البخاري الطب (٥٧٦٧)، سنن الترمذي البر والصلة (٢٠٢٨)، سنن أبو داود الأدب (٥٠٠٧)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٩٤)، موطأ مالك الجامع (١٨٥٠).