للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملاهي والشهوات. ومنها التأثر بالأخلاق الفاسدة التي يعايشها ويشاهدها مما يضعف في نفسه الالتزام بالأخلاق الإسلامية، ويؤدي به إلى الاستهانة بها وعدم احترامها، ومنها وقوعه تحت توجيه الكفار وإشرافهم وولايتهم.

والحكم في هذه الحالة أنه لا يجوز للمسلم السفر إلى بلاد المشركين أو الإقامة بين ظهرانيهم من غير ضرورة إلا لعارف بدينه بأدلته الشرعية يستطيع الدعوة إليه والذب عن الشبه التي ترد عليه ويقوم بأداء واجباته. وعموم الأدلة يؤيد ذلك. ومنها قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (١) {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} (٢) {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} (٣) وقوله (صلى الله عليه وسلم): «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين (٤)» وقوله «لا يقبل الله من مشرك عملا بعدما أسلم أو يزايل المشركين (٥)». .) ولأن في ذلك وسيلة إلى ارتكاب المحرم وترك الواجب وما أفضى إليهما فحكمه التحريم. والخلاصة أن هذه الرحلة لا تجوز من شبابنا وأوليائهم الاستجابة إليها، بل يجب على ولاة الأمور وعلى الآباء بذل جميع الوسائل الممكنة لعدم اشتراك الشباب في مثل هذه الرحلات وإحباطها وعدم إنفاذها، حماية لشباب المسلمين مما يهدد عقيدتهم وأخلاقهم.

ولا يفوتنا هنا أن ننبه إخواننا المسلمين إلى ما يحيكه لهم أعداؤهم من الدسائس والمؤامرات لفتنهم عن دينهم وإبعادهم عنه وإضعاف التزامهم به التي تبينها خطط التبشير التي كشفها الكثير من علماء المسلمين ومفكريهم وفي حملات التشكيك المستمرة. . ويغلط غلطا عظيما من ينفي ذلك ويحسن الظن بهم، فأمامنا من البراهين الجلية ما لا ينكره إلا مغفل أو فاسق أو مكابر، وما الغزوات والحملات التبشيرية المركزة على بلاد المسلمين في أندونيسيا والفلبين وبنغلادش وأوغندا والسودان وغيرها من البلاد إلا براهين على ذلك، ومن الوسائل التي يسلكها أعداء الإسلام إلى ذلك إنشاء المستشفيات والمدارس والملاجئ، وإقامة الاجتماعات الترفيهية والجمعيات الإنسانية، وغايتهم في ذلك تدمير أخلاق المسلمين وعقولهم، وقطع صلتهم بالله وإطلاق شهواتهم، وهل هناك أنجح من حضنهم للمراهقين في مثل هذه الرحلات وغسل أدمغتهم بما يلقونه عليهم من توجيه. . فتيقظوا أيها الإخوان لهذه الخطط الخبيثة، ولا تسلموا أولادكم لأعدائكم فتلقوا بهم إلى التهلكة وتدفعوهم إلى طرق الضلال، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (٦).

كما نذكر إخواننا بواجبهم تجاه أبنائهم من تربيتهم التربية الصالحة، وأمرهم بأداء الشعائر والتحلي بالآداب الإسلامية، ونهيهم عن المحرمات وعن الرذائل ووسائلها، وغرس الأخلاق الفاضلة في نفوسهم، وصيانتهم عن رفقاء السوء وعن المجتمعات الفاسدة.


(١) سورة النساء الآية ٩٧
(٢) سورة النساء الآية ٩٨
(٣) سورة النساء الآية ٩٩
(٤) سنن الترمذي السير (١٦٠٤)، سنن أبو داود الجهاد (٢٦٤٥).
(٥) سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٣٦)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤).
(٦) سورة التحريم الآية ٦