(٣) دور الانتشار: وقد ارتبط ذلك بظهور أشخاص أكثروا من التأليف والكتابة عن الماتريدي وأفكاره وأصوله والانتصار لها، ويمكن اعتبار هذا الدور ممتدا ما بين عام ٤٠٠هـ حتى يومنا هذا، وقد ظهر فيه أمثال أبي اليسر البزدوي (٤٩٣هـ)، وازداد انتشارها على يد أبي المعين النسفي (٥٠٨هـ)، ونجم الدين عمر النسفي (٥٣٧هـ)، وحافظ الدين عبد الله النسفي (٧١٠هـ). وهذا الدور كان من أهم أدوار الماتريدية، وشهد مناظرات بين الماتريدية والأشعرية، وخصوصا عند نور الدين أحمد بن محمد الصابوني (٥٨٠هـ).
وكذلك فقد شمل هذا الدور فترة الحكم العثماني بكاملها والتي شهدت تمكنا وتسلطا من الماتريدية على عموم الوظائف الدينية في ولايات الدولة العثمانية، وكذلك شهد انتشار مذهب الماتريدية في كثير من البلاد الإسلامية، وشهد ظهور كثير من أعلام الماتريدية كالتفتازاني والجرجاني وابن الهمام ومرورا بمحمد قاسم الديوبندي وأحمد رضا البريلوي ثم الكوثري الماتريدي وغيره.
وقد شهد هذا الدور كذلك هجوما شديدا من الماتريدية على أصحاب العقيدة السلفية ووصفهم لهم بأشنع الأوصاف وأقبحها، وخصوصا بعد انتشار الدعوة السلفية- التي أطلقوا عليها تشنيعا اسم الوهابية - في الجزيرة العربية.