للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها، ولما كان الطواف من أعظم هذه الأركان، ولا يختص بالحج وحده، آثرت تقديمه على غيره.

وقد من الله علي بالكتابة في أنواعه، وفي شروطه، وفي أثناء كتابتي في واجباته استوقفتني مسألة الطهارة من الحدث، حيث كثر الكلام فيها، فمن مشترط لها، ومن مقيد لهذا الاشتراط، ومن مستحب لها.

ولا شك أنها من أهم المسائل المتعلقة بشروط الطواف وواجباته. والحاجة إلى دراستها وبحثها ملحة لكثرة السؤال عنها، فمن سبقه الحدث في أثناء طوافه، في هذا الزحام الشديد، فهل يلزم بالخروج للطهارة؟ وإن أكمله فهل يصح منه ويجزئه أم يؤمر بالإعادة؟ والمرأة إن جاءها عذرها الشهري فحاضت قبل طواف الإفاضة وتعذر عليها الإقامة فهل لها أن تطوف في هذه الحال؟

وقد تناول شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين بن تيمية - رحمه الله تعالى- هذه المسألة بالبحث والدراسة بما لم يسبق إليه، فسبر أغوارها، وأوضح أسرارها، وساق من الحجج والأدلة والاعتراضات على أدلة الجمهور ما جعلني أخص هذه المسألة بمزيد من البحث، إذ جلت معه حيث جال، وطوفت بحججه واعتراضاته، وأرخيت بعد ذلك لقلمي العنان، فكان هذا البحث الذي أرجو من الله أن يكون خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به يوم الدين، فإن وفقت فيه للصواب فهو مرادي، وإن كانت الأخرى فحسبي أني قد استفرغت وسعي، وبذلت جهدي، فأرجو من الله ألا يحرمني أجر اجتهادي.