للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونعمه تترى، يداه سحتان بالليل والنهار، يعطي المؤمن كما يعطي الكافر، ويعطي المتقي كما يعطي الفاسق، أعطى الأولين والآخرين، ولا يزال يعطي، واقتضت حكمته أن يعطي إلى ما لا نهاية، فله الحمد وله الشكر، وله الثناء الحسن، حتى يرضى وبعد الرضى، أهل المجد والثناء.

اقتضت حكمة الله سبحانه أن تكون الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر؛ لأنها هينة عليه سبحانه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر (١)» «وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق، داخلا من بعض العالية، والناس كنفته، فمر بجدي أسك ميت، فتناوله فأخذ بأذنه، ثم قال: " أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ " فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: " أتحبون أنه لكم؟ " قالوا: والله لو كان حيا كان عيبا فيه، لأنه أسك، فكيف وهو ميت؟ فقال: " فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم (٢)».

كما اقتضت حكمته سبحانه أن الغنى ليس عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس (٣)».


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ٤/ ٢٢٧٢ رقم ٢٩٥٦، والترمذي في جامعه ٤/ ٥٦٢ رقم ٢٣٢٤ من حديث أبي هريرة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٤/ ٢٢٧٢ رقم ٢٩٥٧.
(٣) أخرجه الترمذي في الجامع ٤/ ٥٨٦ رقم ٢٣٧٣، وأحمد في المسند ٢/ ٢٤٣ من حديث أبي هريرة، وقال الترمذي: حسن صحيح.