للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النعيم الأخروي.

وقد يكون وصول الرزق بسبب وبغير سبب، وبطلب وبغير طلب، وقد يرث الإنسان مالا فيدخل في ملكه من غير قصد إلى تملكه، وهو من جملة الأرزاق، وكل ما وصل منه إليه من مباح فهو رزق الله، على معنى أنه قد جعله له قوتا ومعاشا. . . إلا أن الشيء إذا كان مأذونا له في تناوله فهو حلال حكما، وما كان منه غير مأذون له فيه فهو حرام حكما (١).

قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ} (٢) {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} (٣) {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (٤). وهذا من رحمة الله ولطفه بعباده أن نوع أرزاقه وفضله ونعمه وعددها؛ فجعل منها ما هو ظاهر، وما هو باطن، ومنها ما هو أول، ومنها ما هو آخر، ومنها ما هو مادي، ومنها ما هو معنوي؛ ومنها ما عجله لعباده في الحياة الدنيا، ومنها ما أخره.

والآية فيها إشارة إلى ذلك حيث خلق لنا كل شيء، وسخر لنا كل شيء، وأعطانا من كل شيء سألناه، ومن كثرة نعمه لا


(١) شأن الدعاء للخطابي ص ٥٥. ٥٦. ط دار المأمون ١٤٠٤ هـ الأولى.
(٢) سورة إبراهيم الآية ٣٢
(٣) سورة إبراهيم الآية ٣٣
(٤) سورة إبراهيم الآية ٣٤