للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الأصل الأول: فهو كتاب الله العزيز وقد دل كلام ربنا عز وجل في مواضع من كتابه على وجوب اتباع هذا الكتاب والتمسك به والوقوف عند حدوده قال تعالى {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} (١) وقال تعالى {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (٢) وقال تعالى {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (٣) {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٤) وقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} (٥) {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (٦) وقال تعالى {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (٧) وقال تعالى {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} (٨) والآيات في هذا المعنى كثيرة وقد جاءت الأحاديث الصحاح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آمرة بالتمسك بالقرآن والاعتصام به دالة على أن من تمسك به كان على الهدى ومن تركه كان على الضلال ومن ذلك ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: في خطبته في حجة الوداع: «إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله (٩)»، رواه مسلم في صحيحه وفي صحيح مسلم أيضا عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به (١٠)» فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي (١١)»، وفي لفظ قال في القرآن: «هو حبل الله من تمسك به كان على الهدى ومن تركه كان على الضلال (١٢)».

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وفي إجماع أهل العلم والإيمان من الصحابة ومن بعدهم على وجوب التمسك بكتاب الله والحكم به والتحاكم إليه مع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يكفي ويشفي عن الإطالة في ذكر الأدلة الواردة في هذا الشأن.

أما الأصل الثاني: من الأصول الثلاثة المجمع عليها فهو ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أقواله وأفعاله وتقريره ولم يزل أهل العلم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم يؤمنون بهذا الأصل الأصيل ويحتجون به ويعلمونه الأمة وقد ألفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة وأوضحوا


(١) سورة الأعراف الآية ٣
(٢) سورة الأنعام الآية ١٥٥
(٣) سورة المائدة الآية ١٥
(٤) سورة المائدة الآية ١٦
(٥) سورة فصلت الآية ٤١
(٦) سورة فصلت الآية ٤٢
(٧) سورة الأنعام الآية ١٩
(٨) سورة إبراهيم الآية ٥٢
(٩) صحيح مسلم كتاب الحج (١٢١٨)، سنن الترمذي المناقب (٣٧٨٦)، سنن أبو داود كتاب المناسك (١٩٠٥)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٧٤).
(١٠) صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٠٨)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٦٧)، سنن الدارمي فضائل القرآن (٣٣١٦).
(١١) صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٠٨)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٦٧)، سنن الدارمي فضائل القرآن (٣٣١٦).
(١٢) صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٠٨)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٦٧)، سنن الدارمي فضائل القرآن (٣٣١٦).