للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا صحيحا فلم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب، وقال أيضا رحمه الله: إذا قلت قولا وجاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلافه فأضربوا بقولي الحائط، وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لبعض أصحابه: لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي وخذ من حيث أخذنا - وقال رحمه الله: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذهبون إلى رأي سفيان والله سبحانه يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١) ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك وأخرج البيهقي عن مجاهد بن جبر التابعي الجليل أنه قال في قوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (٢) قال: الرد إلى الله الرد إلى كتابه والرد إلى الرسول الرد إلى السنة وأخرج البيهقي عن الزهري رحمه الله أنه قال: كان من مضى من علمائنا يقول: الاعتصام بالسنة نجاة وقال موفق الدين بن قدامة رحمه الله في كتابه روضة الناظر: في بيان أصول الأحكام ما نصه، والأصل الثاني من الأدلة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة لدلالة المعجزة على صدقه وأمر الله بطاعته وتحذيره من مخالفة أمره انتهى المقصود، وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٣) أي عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٤)» أي فليخشى وليحذر من خالف شريعة الرسول باطنا وظاهرا: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} (٥) أي في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٦) أي في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك: كما روى الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب اللائي يقعن في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمون فيها قال فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار فتغلبوني وتقتحمون فيها (٧)» أخرجاه من حديث عبد الرزاق وقال السيوطي رحمه الله في رسالته المسماة مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة ما نصه:


(١) سورة النور الآية ٦٣
(٢) سورة النساء الآية ٥٩
(٣) سورة النور الآية ٦٣
(٤) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٨٠).
(٥) سورة النور الآية ٦٣
(٦) سورة النور الآية ٦٣
(٧) صحيح البخاري الرقاق (٦٤٨٣)، صحيح مسلم الفضائل (٢٢٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٤٠).