فأقول: إذا حفر إنسان بئرا - وكان غير متعد بحفره هذا - وسقط فيه رجل فجذب آخر فوقعا معا فدم الأول هدر؛ لأنه مات من فعل نفسه.
وإن مات الثاني: فديته كلها على عاقلة الأول؛ لأنه قتله بجذبته، وهذا متفق عليه بين المذهبين.
وإن تعلق الثاني بثالث فمات الثلاثة بدون جذب ولا دفع فدية الأول على الثاني والثالث؛ لأنه مات بوقوعهما عليه، فاشتركا في ديته لاشتراكهما في تلفه، ودية الثاني على الثالث؛ لأنه انفرد بالوقوع عليه، ودية الثالث هدر؛ لأنه تلف من وقوعه، ذكر ذلك الماوردي وحده.
(قلت) وهو حسب التعليل صحيح.
وإن جذب الثلاثة بعضهم بعضا فماتوا جميعا، فلا شيء على الثالث؛ لأنه مجذوب وليس بجاذب، وفي ديته وجهان:
أحدهما: يضمنها الثاني؛ لأنه هو الذي باشر جذبه، والمباشرة تقطع حكم السبب، والثاني: أن ديته على عاقلة الأول والثاني نصفين؛ لأن الأول جذب الثاني الجاذب للثالث، فصار الأول مشاركا للثاني في إتلافه.
أما دية الأول والثاني، فقال الماوردي: على عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه ويهدر النصف الثاني؛ لأنهما مشتركان في قتل أنفسهما؛ لأن موت الأول كان بجذبه للثاني،