للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خضراء، تمتلئ بما لذ وطاب من المحاصيل الزراعية، والثروة الحيوانية، ولم يكن ذلك ليتحقق، لو لم يهيئ الله المياه الوافرة، التي هي عنصر الحياة الوحيد، الذي به قوام الحياة في كل كائن حي، وبه مصدر النمو والحيوية، حيث يقوله سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (١) ولو لم يهيئ الله الدولة بقياداتها الحريصة على عمران البلاد وإنمائها وبذل الكثير في سبيل ذلك لما برزت بهذه الصورة.

فما هي تبوك أصلا ونشأة، وماذا تم في غزوة تبوك التي تحدثت عنها كتب التاريخ قديما وحديثا، واقترن ذكرها بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزواته التي أظهر الله بها الإسلام في بقاع المعمورة، ولم يغفلها المفسرون، بل أولوها عناية خاصة؛ لأنها تعني أمورا كثيرة في واقع المجتمع الإسلامي في ذلك الوقت، ونزل فيها آيات كثيرات فضح الله بها أقواما ملأ النفاق قلوبهم، وعاندوا رسول الله وتمالأوا عليه باطنا، بينما هم يظهرون المودة نفاقا ومكابرة.

ولذا سميت سورة التوبة، التي نزل أغلبها مقترنا بغزوة تبوك: الفاضحة، حيث أظهر الله جلت قدرته من خصال المنافقين: القولية والفعلية، ما جعلهم يتعرون أمام الملأ، فكانت فاضحة لما خفي من أعمالهم. كاشفة ما كانوا يحرصون على ستره من نواياهم حتى يحذرهم المسلمون. . ويعرفوا شر ما


(١) سورة الأنبياء الآية ٣٠