للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الرجل العظيم حياة خير وطاعة لله. قضى عمره متعلما ومعلما وموجها، فرحمه الله رحمة واسعة، وغفر لنا وله ولجميع المسلمين، واستبقانا وإياكم بعده لعمل صالح وخاتمة حسنة.

ولذا فإنني أوجه كلمتي لطلاب العلم أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يعلموا أن هذه الحياة منقضية ولا بد، وأن الله سائل كل إنسان عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، فليكن لطلبة العلم خاصة وللمسلمين عامة تميز في أخلاقهم وأعمالهم كما شرع الله، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته من بعده رضي الله عنهم، وليأخذوا من سيرة علماء الأمة العالمين بكتاب الله وسنة رسوله العاملين بهما، ليأخذوا من سيرتهم منهجا يسيرون عليه في حياتهم، لكي يؤدوا واجب العلم والأمانة التي ائتمنهم الله عليها. فإن واجب العلم عظيم على حملته، قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (١)، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٢).

فيا أهل العلم اتقوا الله في علمكم، وكونوا قدوة صالحة لغيركم، بما تؤدونه من واجب العلم، بالعمل بهذا العلم على بصيرة وإخلاص لله سبحانه وتعالى، ودعوة الناس إلى الخير، وتبصير الناس بما يهمهم في


(١) سورة آل عمران الآية ١٨٧
(٢) سورة البقرة الآية ١٧٤