للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمل المشركين الأولين كأبي جهل وأشباهه، وهو شرك أكبر، ويسمي بعض الناس هذا النوع من الشرك توسلا، وهو حقيقة عين الشرك الأكبر. وهناك نوع ثان من التوسل ليس من الشرك، بل هو من البدع ووسائل الشرك، وهو التوسل بجاه الأنبياء والصالحين أو بحق الأنبياء والصالحين أو بذواتهم، فالواجب الحذر من النوعين جميعا. ومن مات على النوع الأول لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يدعى له ولا يتصدق عنه؛ لقول الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (١).

وأما التوسل بأسماء الله وصفاته وتوحيده والإيمان به فهو توسل مشروع، ومن أسباب الإجابة؛ لقول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (٢)، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه سمع من يدعو ويقول: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. فقال: لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب (٣)».

وهكذا التوسل بالأعمال الصالحة من بر الوالدين وأداء الأمانة والعفة عما حرم الله ونحو ذلك، كما ورد ذلك في حديث


(١) سورة التوبة الآية ١١٣
(٢) سورة الأعراف الآية ١٨٠
(٣) سنن الترمذي الدعوات (٣٤٧٥)، سنن أبو داود الصلاة (١٤٩٣).