ويرى السائل وغيره أنني جريت في تفسيري للقرآن الحكيم المعروف بتفسير المنار ظهر على التزام رسم الإمام في الآيات المضبوطة بالشكل التام مع علامات الترقيم العصرية، ثم رسم الآيات في أثناء تفسيرها بالرسم العرفي الذي يعرفه جميع المتعلمين مع الترقيم فيها وفي تفسيرها، وأخالف الطريق المتبعة في وزارة المعارف والأزهر في الياء المتطرفة فألتزم نقط ما ينطق بها ياء دون ما كانت ألفا منقلبة عنها لكثرة ما يقع من الاشتباه فيهما كالفعل الماضي من الرواية في بنائه للمعلوم والمجهول.
فعلم بهذا أنني لا أرى مانعا شرعيا يمنع مما سأل عنه السائل، بل أرى أنه واجب، ولهذا جريت عليه بالفعل منذ أكثر من ثلث قرن، فإن الخط والطبع صناعتان يقصد بهما أداء الكلام أداء صحيحا. وتصحيح أداء القرآن واجب شرعا، وتحريفه بالنطق محرم شرعا. وقد جرى جميع علماء المسلمين في تفاسيرهم على كتابة القرآن بالرسم العرفي، وهم آمنون على حفظ رسمه الأصلي الذي كتبه به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمر الخلفاء الراشدين لكثرة المصاحف فيه، بل خالفوا رسم المصحف الإمام في كثير من الكلمات التي يشتبه في قراءتها الجمهور منذ قرون ولم أقف على تاريخها، وهذا ليس بحجة وإنما الحجة وجوب صيانة القرآن من الخطأ في قراءته، وهي مقدمة على حفظ رسم السلف لو تعذر الجمع بينهما ولا تعذر.
وأما تيسير فهمه على الناس كافة بتفسير سهل العبارة مناسب لحاجة العصر فهو واجب لا معارض له وقد طبع بعض الناس تفسير البيضاوي على حواشي المصحف، وهو تفسير دقيق وجيز وضع لتذكير العلماء بخلاصة ما في أشهر التفاسير، وبعضهم طبع الجلالين وهو مختصر مخل قلما يستفيد منه الدهماء وقد تحريت السهولة واجتناب الاصطلاحات الفنية والعلمية في تفسير المنار ولكنه مطول، وقد كثر اقتراح الناس علي أن أختصره أو أكتب تفسيرا مختصرا فشرعت وعلى الله توكلت.