أ - الأوراق النقدية بمزيد قبولها وكثرة رواجها في المعاملات وطغيانها على سائر الأثمان في سوق المعاوضات صارت موغلة في الثمنية إيغالا لا تقصر دونه الفلوس بل نقود الذهب والفضة بعد ندرة التعامل بهما في المعاوضات.
ب - في انتقال الأوراق النقدية من أصلها العرضي إلى الثمنية قوة أفقدتها القدرة على رجوعها إلى أصلها في حال إبطالها بخلاف الفلوس فهي إذا كسدت أو أبطل السلطان التعامل بها فلها قيمة في نفسها كسائر العروض.
جـ - الأوراق النقدية في غلاء قيمتها كالنقدين بل إن بعضا من الورق النقدي يعجز عن اللحاق بقيمته أكبر قطعة نقدية من ذهب أو فضة.
د - تستخدم الفلوس في تقييم المحقرات من السلع، وهذه المحقرات مما تعم الحاجة إليها فالتخفيف في أحكامها أمر حاجي تقتضيه المصلحة العامة كالعرايا والتجاوز عن يسير الغرر والجهالة.
هـ - نظرا لتفاهة قيمة الفلوس فإن الصفقات ذات القيمة العالية لا تتم بها، وإنما تتم بالنقدين أو بالأوراق النقدية، والربا في الغالب لا يكون إلا في صفقات ذات قيمة عالية نسبيا.
هذه الفروق لها أثرها في إعطاء الأوراق النقدية مزيد فضل على الفلوس تختلف به عنها في الأحكام وتجعلها في معنى النقدين الذهب والفضة في الثمنية وفي جريان الأحكام.
٢ - على فرض التسليم بإلحاق الأوراق النقدية بالفلوس فقد بحث العلماء -رحمهم الله- مسألة الفلوس، واختلفوا في تكييفها، وانقسموا في ذلك الاختلاف قسمين تبعا لعاملين يتجاذبانها: عامل أصلها وهو العرضية، وعامل ما انتقلت إليه وهو الثمنية، فبعضهم اعتبر أصلها وهو العرضية ففرق بينها وبين النقدين فأثبت لها أحكام أصلها ومنع عنها أحكام النقدين في الربا والصرف والسلم والزكاة وغيرها، والبعض الآخر اعتبرها نقدا وأثبت لها ما للنقدين من أحكام في الربا والصرف والسلم والزكاة وغيرها وبمزيد من العمق في دراسة مسألة الفلوس والموازنة بين الرأيين يظهر وجاهة القول باعتبارها نقدا لها ما للنقدين الذهب والفضة من أحكام.