قال تقي الدين الفاسي في كتابه شفاء الغرام ويروي (١) أن الخليفة الرشيد أو جده المنصور أراد أن يغير ما صنعه الحجاج بالكعبة وأن يردها إلى ما صنعه ابن الزبير فنهاه عن ذلك الإمام مالك بن أنس - رحمه الله -، وقال له: نشدتك الله لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك، لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره، فتذهب هيبته من قلوب الناس انتهى بالمعنى ثم قال: وكان مالك لحظ في ذلك أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح وهي قاعدة مشهورة معتمدة. اهـ.
وخلاصة القول أن لكل من القول بجواز كتابة المصحف - القرآن - على مقتضى قواعد الإملاء والمنع من ذلك وحرمته وجهة نظر، غير أن مبررات الجواز فيها مآخذ ومناقشات تقدم بيانها، وقد لا تنهض معها لدعم القول بالجواز، ومع ذلك قد عارضها ما تقدم ذكره من الموانع، وجريا على القاعدة المعروفة من تقديم الحظر على الإباحة.
وترجيح جانب درء المفاسد على جلب المصالح عند التعادل أو رجحان جانب المفسدة قد يقال: إن البقاء على ما كان عليه المصحف من الرسم العثماني أولى وأحوط على الأقل، وعلى كل حال فالمسألة محل نظر واجتهاد والخير في اتباع ما كان عليه الصحابة وأئمة السلف - رضي الله عنهم -. . والله الموفق - وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه -.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(١) ص ١٠٠ من ج ١ من شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام