للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله». فذهب الفريق الأول إلى العمل بظاهر الحديث الصحيح، فلا تجوز حكم الزيادة في التعزير على عشر جلدات.

وذهب الآخرون إلى تأويله، فقالوا بالجواز - هو الراجح - مجيبين على الحديث بعدة أجوبة:

أحدها: أن المراد بحدود الله ما حرم لحق الله، فإن الحدود في لفظ الكتاب والسنة يراد بها الفصل بين الحلال والحرام، مثل آخر الحلال وأول الحرام، فيقال من الأول قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} (١)، ويقال في الثاني قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} (٢).

أما تسمية العقوبة المقدرة حدا، فهو عرف حادث، ومراد الحديث: أن من ضرب لحق نفسه - كضرب الرجل امرأته في النشوز، وعبده، وولده، وأجيره - فإنه لا يزيد على عشر جلدات.

وهذا من أعدل ما أجيب به عن الحديث، وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية (٣)، وبه قال تلميذه ابن القيم (٤)، ونصره بقوله: فإن التعزير يدخل تحته لفظ الحد في لسان الشارع، كما


(١) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٧
(٣) السياسة الشرعية، ص ١٢٥.
(٤) إعلام الموقعين، ج ٢، ص ٢٩، ٣٠.