يتبدل، كل ذلك دليل على وجود الله العلي القدير وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه ولطفه بهم وإحسانه إليهم وبره بهم، لا إله غيره ولا رب سواه، عليه توكلت وإليه أنيب. هذا وشواهد المخلوقات على وجود الله سبحانه كثيرة لا تحصر.
ولما حضر أناس إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله وسألوه عن وجود الله سبحانه وتعالى، قال لهم: دعوني فإني مفكر في أمر أخبرت عنه، لقد ذكر لي أن سفينة في البحر موقرة فيها أنواع من المتاجر وليس بها أحد يحرسها ولا يسوقها، وهي مع ذلك تذهب وتجيء وتسير بنفسها وتخترق الأمواج العظام حتى تتخلص منها وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد. فقالوا: هذا شيء لا يقوله عاقل. فقال لهم الإمام أبو حنيفة: ويحكم؟! هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة أليس لها صانع؟ فبهت القوم ورجعوا إلى الحق وأسلموا على يديه لله رب العالمين.
هذه المصنوعات من أدلة التوحيد، فإنها مما يحقق أن الله على كل شيء قدير، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وقدرته تعالى ومشيئته ليست محصورة في وقت بل هي دائمة باستمرار، بل مما يحقق شهادة أن محمدا رسول الله، ولكن لمن شهد أنه رسول الله حقا وصدق بأخباره ورسالته، فإنه يرى في الوجود الآن نوع ما أخبر به لا عينه، فإنه أخبر بتقارب الأسواق، وأن الدجال يقطع الأرض في وقت قصير، وقوله صلى الله عليه وسلم: «فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي (١)».
(١) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٣٤٠)، صحيح مسلم الإيمان (١٩٤)، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٣٤).