للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه تعرض صلاته عليه فذلك شيء خاص يتعلق بالصلاة عليه، ومن صلى عليه صلى الله عليها بها عشرا، وقال عليه الصلاة والسلام: «أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة؛ فإن صلاتكم معروضة علي قيل: يا رسول الله: كيف وقد أرمت أي: بليت. قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، (١)» فهذا حكم خاص بالصلاة عليه. وفي الحديث الآخر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام (٢)» فهذا شيء خاص للرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يبلغ ذلك، وأما أن يأتي من ظلم نفسه ليتوب عند القبر ويستغفر عند القبر فهذا لا أصل له، بل هو منكر، ولا يجوز وهو وسيلة للشرك، مثل أن يأتي فيسأله الشفاعة أو شفاء المريض أو النصر على الأعداء أو نحو ذلك، أو يسأله أن يدعو له فهذا لا يجوز؛ لأن هذا ليس من خصائصه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ولا من خصائص غيره، فكل من مات لا يدعى ولا يطلب منه الشفاعة لا النبي ولا غيره، وإنما الشفاعة تطلب منه في حياته، فيقال: يا رسول الله اشفع لي أن يغفر الله لي، اشفع لي أن يشفي الله مريضي وأن يرد غائبي، وأن يعطيني كذا وكذا، وهكذا يوم القيامة بعد البعث والنشور، فإن المؤمنين يأتون آدم ليشفع لهم إلى الله حتى يقضي بينهم فيعتذر، ويحيلهم إلى نوح فيأتونه فيعتذر، ثم يحيلهم نوح إلى إبراهيم فيعتذر، فيحيلهم إبراهيم إلى موسى فيعتذر، ثم يحيلهم موسى إلى عيسى فيعتذر، عليهم جميعا الصلاة والسلام، ثم يحيلهم عيسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيأتونه فيقول عليه الصلاة والسلام: أنا لها، أنا لها


(١) سنن النسائي الجمعة (١٣٧٤)، سنن أبو داود الصلاة (١٠٤٧)، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٦٣٦)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٨)، سنن الدارمي الصلاة (١٥٧٢).
(٢) صحيح البخاري الدعوات (٦٤٠٨)، صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٨٩)، سنن الترمذي الدعوات (٣٦٠٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٥٢).