والشريف أبي جعفر وأبي الخطاب، وابن عقيل وغيرهم فمنعوا من ذلك.
واحتج مالك بما رواه في موطئه عن يونس بن سيف، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا له بالسوق، فقال له عمر: إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا.
وأجاب الشافعي وموافقوه بما رواه فقال: حدثنا الدراوردي، عن داود بن صالح التمار، عن القاسم بن محمد، عن عمر: أنه مر بحاطب بسوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعرهما؟ فسعر له مدين لكل درهم.
فقال له عمر: قد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا وهم يعتبرون سعرك.
فإما أن ترفع السعر وإما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت.
فلما رجع عمر حاسب نفسه، ثم أتى حاطبا في داره فقال: إن الذي قلت لك ليس بمعرفة منى ولا قضاء، وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع.
قال الشافعي: هذا الحديث مقتضاه ليس بخلاف ما رواه مالك، ولكنه روى بعض الحديث أو رواه عنه من رواه، وهذا أتى بأول الحديث وآخره، وبه أقول، لأن الناس مسلطون على أموالهم ليس لحد أن يأخذها أو شيئا منها بغير طيب أنفسهم، إلا في المواضع التي تلزمهم، وهذا ليس منها قلت: وعلى قول مالك قال أبو الوليد الباجي: الذي يؤمر من حط عنه أن يلحق به هو السعر الذي عليه جمهور الناس، فإذا انفرد منهم الواحد والعدد اليسير بحط السعر أمروا باللحاق بسعر الجمهور، لأن المراعى حال الجمهور، وبه تقوم المبيعات.
وروى ابن القاسم عن مالك لا يقام الناس لخمسة. قال: وعندي أنه يجب أن ينظر في ذلك إلى قدر الأسواق، وهل يقام من زاد في السوق- أي في قدر المبيع- بالدرهم مثلا كما يقام من نقص منه؟ قال أبو الحسن بن القصار المالكي: اختلف أصحابنا في قول مالك، ولكن من حط سعرا، فقال البغداديون: أراد من باع خمسة بدرهم والناس يبيعون ثمانية، وقال قوم من المصريين: أراد من باع ثمانية والناس يبيعون خمسة. قال: وعندي أن الأمرين جميعا ممنوعان، لأن من باع ثمانية والناس يبيعون خمسة أفسد على أهل السوق بيعهم، فربما أدى إلى الشغب والخصومة ففي منع الجميع مصلحة، قال أبو الوليد: ولا خلاف أن ذلك حكم أهل السوق.
وأما الجالب ففي كتاب محمد: لا يمنع الجالب أن يبيع في السوق دون الناس، وقال ابن حبيب: ما عدا القمح والشعير إلا بسعر الناس وإلا رفعوا، قال: وأما جالب القمح والشعير فيبيع كيف شاء إلا أن لهم في أنفسهم حكم أهل السوق، إن أرخص بعضهم تركوا، وإن كثر المرخص قيل لمن