اختيار إمام يحمي الدعوة، ويدير شؤون الدولة الإسلامية، ويحميها من الاضطراب والتخلخل- مبادرتهم إلى اختيار الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذلك أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضحى يوم الاثنين (١٢ ربيع الأول ١١هـ) لم تمض ساعات قليلة من وفاته حتى سارع المسلمون في التفكير لاختيار ومبايعة خليفة له. فلم تغب شمس ذلك اليوم الذي توفي فيه إلا وقد نصبوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه خليفة للمسلمين. وبعد أن استقر الأمر، واجتمعت الكلمة قاموا بتجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ثم دفنوه.
وإن هذه المبادرة لهي خطوة موفقة، ألهم الله تعالى صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم لها، إذ قدموا اختيار الخليفة الحاكم على دفن أحب الناس إلى قلوبهم محمد صلى الله عليه وسلم، وإن هذا ليعطينا دلالة واضحة على معرفة الصحابة الكرام أهمية وجود الإمام الحاكم الذي يتولى أمر المسلمين، ويحكم بأمر الله عز وجل حتى لو اقتضى الأمر تأخير جنازة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلا يجوز أن يترك منصب الإمامة ولو لساعات قليلة من غير تولية، بل يجب أن يختار ويبايع إمام للمسلمين، وأن يقدم هذا الأمر على كل أمر، كما فعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الإمامة هي نيابة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين وسياسة الدنيا به، وهي تسمى خلافة وإمامة، والقائم بها خليفة وإماما، فأما تسميته إماما فتشبيها بإمام الصلاة في اتباعه والاقتداء به، ولهذا يقال: الإمامة الكبرى، وأما