للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هنا يظهر لنا جليا أن التمسك بالأثر من أهم ضوابط العمل الدعوي التي بمراعاتها يكون العمل صالحا مقبولا.

ولم يكن الصديق وحده المتمسك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم يعتنون غاية العناية بأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم وأحكامه، فصاروا موازين يرجع الناس إليهم عند الاختلاف، فبهم تعرف السنة والبدعة؛ لأنهم حفظة الكتاب والسنة، وحملة الإسلام ممتثلين قول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (١).

وإن هذا ليعطينا دلالة على أن من أطاع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعض على سنته بالنواجذ، فإن الله جل وعلا ينصره ويمنحه العز والشرف؛ إذ إن الصديق رضي الله عنه عندما أصر على تنفيذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم رغم تدهور الأحوال وتغيرها، وانقاد الصحابة الكرام لرأيه، وتمسكوا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وبذلوا المستطاع لتحقيقه نصرهم الله تعالى، ورزقهم الغنائم، وألقى في قلوب الناس هيبتهم، وكف عنهم كيد الأعداء وشرهم. وإن هذا الموقف لصورة تطبيقية لقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (٢).


(١) سورة الحشر الآية ٧
(٢) سورة الأحزاب الآية ٣٦