تلك المنزلة الرفيعة التي كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع علمهم بأن دعوتهم خالية من الحقيقة إلا أن هناك عوامل أخرى جعلتهم ينجحون في تجميع الأتباع، من أهمها: العصبية القبلية التي جعلت بعض الأتباع يقول: نبي من قومنا أحب إلينا من نبي قريش.
ومن الأسباب أيضا: الهروب من التكاليف التي فرضها الإسلام عليهم، وكانوا من قبل لا يتقيدون بشيء، فوجدوا في متابعة هؤلاء تخلصا من تلك التكاليف؛ لأنهم خففوا عنهم، فنادى بعضهم بمنع الزكاة، وحط بعضهم عمن تبعه فريضتين من الصلاة، ومن هنا ندرك أن دوافع الردة والتنبؤ كانت ترجع إلى العوامل التالية:
أ- الرغبة في الزعامة وحب السيطرة.
٢ - العصبية القبلية.
٣ - ثقل التكاليف على نفوسهم والرغبة في التخلص منها.
ومما يجدر بالاهتمام أنه مع شيوع ظاهرة التنبؤ في أنحاء الجزيرة، إلا أن التاريخ لم يرو لنا أن واحدا منهم دعا إلى الوثنية، وسعى لإرجاع الناس إليها وتلك قضية جديرة بالاهتمام، فلم لم يدع هؤلاء إلى دين الآباء والأجداد ليكون ذلك دافعا قويا لحنين الناس إلى الماضي القريب؟
الذي يظهر من هذا هو أن الدعوة الأولى - دعوة الإسلام - قد كشفت عورات تلك الديانات الفاسدة، وأظهرت بطلانها للقاصي والداني من الناس، فلم يعد هناك مجال للمناداة بها وتجميع الناس حولها، بل إن الناس جميعا قد أدركوا يقينا أنها حجارة لا تضر