على الإكثار من المسائل الفقهية، وعمدوا إلى الشرح والإيضاح، وتحرروا من التعصب والتقليد، فجاء منهجهم سليما مشوقا مفيدا، تألفه العقول المنصفة، وتستريح له الأفكار السليمة، لما يكسبها من وصول إلى غاية مقصودة، وخروج بثمرة منشودة، ويعتمد صاحبها على الأدلة النقلية الصحيحة، والحجج العقلية السليمة، التي تمنح الاستقلال في الحكم وتفتح الباب للقارئ اللبيب، للبحث والتنقيب، وتيسر تطبيق القواعد الأصولية على ما جد ويجد من قضايا الأمم في مختلف الأمكنة والأزمنة. وقد استفاد شيخنا الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله - من هذا المنهج كثيرا.
على أن ذلك ليس غضا من مسيرة المنهجين الأولين وأصحابهما، اللذين أكسبا ويكسبان فهم هذا العلم على أصوله ويرسخان في ذهن القارئ الخطوط العريضة للمنهج السليم في هذا الفن، وحيث امتازت بالتقعيد والتأصيل الدقيق، والأسلوب الرصين، والتحرير الأوفق، ولا غرو فهم بفنهم أعرف، وبعلمهم أعمق، وقد ساروا في مناقشاتهم على قواعد الجدل، وأصول النقد، والمناظرة المعروفة.
ولم يكن شيخنا - رحمه الله - بمعزل عن التأثر بإيجابيات هذين المنهجين، غير أنه تميز بمنهج أسلم تتبين معالمه والنماذج عليه في الفصل القادم إن شاء الله.