وإليك ما قاله الشيخ - رحمه الله - عنه وعن كتابه، والمقارنة بينه وبين الشافعي، فيقول:(وقد تبعه - يعني الشافعي - في الأمرين، وهما العناية بالقواعد الأصولية والاستدلال عليها، والتمثيل والتطبيق - أبو محمد علي بن حزم في كتابه الإحكام في أصول الأحكام، بل كان أكثر منه سردا للأدلة النقلية مع نقدها وإيرادا للفروع الفقهية مع ذكر مذاهب العلماء فيها وما احتجوا به عليها، ثم يوسع ذلك نقدا ونقاشا ويرجح ما يراه صوابا، غير أن أبا محمد وإن كان غير مدافع في سعة علمه واطلاعه على النصوص، وتمييز صحيحها من سقيمها، والمعرفة بمذاهب العلماء وأدلتها، وإيراد ذلك في أسلوب رائع وعبارات سهلة واضحة، لم يبلغ مبلغ الشافعي، فقد كان الشافعي أخبر منه بالنقل، وأعرف بطرقه، وأقدر على نقده، وأعدل في حكمه، وأدرى بمعاني النصوص ومغزاها، وأرعى لمقاصد الشريعة وأسرارها وبناء الأحكام عليها، مع جزالة في العبارة تذكر بالعربية في عهدها الأول، ومع حسن أدب في النقد، وعفة لسان في نقاش الخصوم والرد على المخالفين (١).
ولقد كان منهج الشيخ - رحمه الله - وموقفه من ابن حزم موقف المنصف، فأثنى عليه بما أصاب فيه ونقده حين أخطأ، والكمال لله وحده، بل إنه - رحمه الله - أحال على كتابه في كثير من المواضع، فعند