بدخول صاحب الشجرة، فشكا ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأمره أن يقبل بدلها، أو يتبرع له بها، فلم يفعل، فأذن لصاحب الأرض. أن يقلعها، وقال لصاحب الشجرة. إنما أنت مضار».
وصاحب القياس الفاسد يقول: لا يجب عليه أن يبيع شجرته، ولا يتبرع بها. ولا يجوز لصاحب الأرض أن يقلعها. لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه، وإجبار على المعاوضة عليه. وصاحب الشرع أوجب عليه إذا لم يتبرع بها أن يقلعها لما في ذلك من مصلحة صاحب الأرض (بخلاصه من تأذيه) بدخول صاحب الشجرة ومصلحة صاحب الشجرة بأخذ القيمة، وإن كان عليه في ذلك ضرر يسير، فضرر صاحب الأرض ببقائها في بستانه أعظم. فإن الشارع الحكيم يدفع أعظم الضررين بأيسرهما. فهذا هو الفقه والقياس والمصلحة وإن أباه من أباه.
والمقصود: أن هذا دليل على وجوب البيع لحاجة المشتري، وأين حاجة هذا من حاجة عموم الناس إلى الطعام وغيره؟.
والحكم في المعارضة على المنافع إذا احتاج الناس إليها- كمنافع الدور، والطحن، والخبز، وغير ذلك- حكم المعاوضة على الأعيان.
وجماع الأمر: أن مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير: سعر عليهم تسعير عدل، ولا وكس ولا شطط وإذا اندفعت حاجتهم وقامت مصلحتهم بدونه: لم يفعل، وبالله التوفيق. انتهى كلام ابن القيم -رحمه الله تعالى-.